(4) فوائد رمضانية : فائدة اليوم بعنوان : ( تعريف الصيام ، وبيان حكمه ، والحكمة منه )

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
أحمد بن ثابت الوصابي [آلي]
مشاركات: 1944
اشترك في: رجب 1437

(4) فوائد رمضانية : فائدة اليوم بعنوان : ( تعريف الصيام ، وبيان حكمه ، والحكمة منه )

مشاركة بواسطة أحمد بن ثابت الوصابي [آلي] »


**  أولا : (( تعريف الصيام لغة وشرعًا )):
**   الصوم والصيام : مصدران لـ( صام ) ، يقال : ( صام ، يصوم ، صومًا ، وصيامًا ) .
**   وهو لغة: الإِمساك عن أي شيء مطلقا ، من طعام ، أو شراب ، أو كلام، أو غيرها .
**   يُقَالُ : ( صَامَ النَّهَارُ ) ، إذَا وَقَفَ سَيْرُ الشَّمْسِ ،
**   و( صام عن الكلام ) ،  إذا سكت ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ مَرْيَمَ : { إنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا } أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عن الكلام .
**   وتقول العرب: فرس صائم: أي واقف، ممسك عن المشي .
 **   قال أحمد بن فارس في كتابه (مقاييس اللغة ) ، (3/ 323) :
(صَوَمَ) (( الصَّادُ وَالْوَاوُ وَالْمِيمُ )) أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِمْسَاكٍ وَرُكُودٍ فِي مَكَانٍ.
مِنْ ذَلِكَ صَوْمُ الصَّائِمِ، هُوَ إِمْسَاكُهُ عَنْ مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ وَسَائِرِ مَا مُنِعَهُ.   . . . الخ . اهـ المراد
 **   وشرعا : الْإِمْسَاكُ بنية عَنِ المفطرات من أَكْلِ وشُّرْبِ وجِمَاعِ ونحوها ، مِنِ طلوع  الْفَجْرِ الصادق إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ .
**   قال تعالى:{ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ } البقرة (187)
**   والمراد بـ( الخيط الأبيض والخيط الأسود ) بياض النهار وسواد الليل وهذا يحصل بطلوع الفجر .
 انظر : كتاب [[ التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (2/ 37 ، 38 )  ]]
و كتاب [[ عون المعبود وحاشية ابن القيم (2/ 139)  ]]
 
**   ثانيا : (( حكم الصيام )) :
 **   حكم الصيام : أنه فرض من فرائض الإسلام وركن من أركانه العظام ،
 **   دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع .
 **   أما الكتاب فقوله تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا كتِبَ عليكم الصيام }، أي فرض.
 **   وأما السنة فأحاديث كثيرة ، منها :
**  عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ” متفق عليه .
 **  وأما الإجماع فقد اتفقت الأمة على فرضيته ، كما نقل ذلك غير واحد من أهل العلم .
**   قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في كتابه ( المغني ) ، (6 / 30) :
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ . اهـ
 
 **   ثالثا : (( بداية فرض صيام رمضان )) :
 **  وَكَانَ فَرْضُ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي شهر شعبان في  السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ اتفاقا.
 **    قال ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم ( زاد المعاد )،  (2 / 29) :
وَكَانَ فَرْضُهُ فِي السّنَةِ الثّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ ، فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ صَامَ تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ . اهـ
**   رابعا : ((على من يجب الصيام ؟ )) :
**  يجب الصيام على ( كل مسلم، بالغ، عاقل، مقيم ، قادر على الصوم ، ذكراً كان أو أنثى ، خالٍ من الموانع ، كالحيض والنفاس، وهذا خاص بالنساء. ) .
 
**  فخرج بقيد ( المسلم ) الكافر ، فلا يجب عليه الصوم ، وإن صام لم يصح منه ؛ لأن العبادة لا تقبل منه حال كفره، لقوله تعالى: “وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ” الآية .  
**  ويعذب على تركه في الآخرة .
 
**  وخرج بقيد ( البالغ ) : الصغير ، فلا يجب عليه الصوم ؛ لرفع القلم عنه حتى يبلغ ، وإن صام صح منه .
 
**  (( فائدة )) : 
ويعرف البلوغ عند الذكر والأنثى بواحد من ثلاثة أمور :
 (1) الاحتلام ، وهو : خروج المني في نوم أو يقظة، بجماع أو غيره.
 **  ودليله قوله تعالى: { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا }
**  وحديث عَلِيٍّ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ” رواه الإمام أحمد وغيره ، [وصححه الألباني] .
 
(2) إِنْبَاتِ الشَّعْرِ الخشن حول القبل أو العانة ، لا الشعر الناعم ، فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْأَطْفَالِ .
**  ودليله حديث عَطِيَّةُ الْقُرَظِىُّ رضي الله عنه ، قَالَ : كُنْتُ مِنْ سَبْىِ بَنِى قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ فَمَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ. رواه أبو داود  وصححه الشيخان .
 
(3) بلوغ تمام خمس عشرة سنة .
**  ودليله حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه ، قَالَ : ” عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي،
**  قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: « إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَاجْعَلُوهُ فِي الْعِيَالِ » متفق عليه .
 
(4) وتزيد الأنثى على الذكر بأمر رابع ، وهو الحيض ، ولو من بنت تسع أو عشر .
**   قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في كتابه ( المغني ) ، (4/ 346) :
وَأَمَّا الْحَيْضُ فَهُوَ عَلَمٌ عَلَى الْبُلُوغِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا،
**  وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « لَا يَقْبَلُ اللَّه صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ » . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ . اهـ
قلت : وهذا الحديث الذي رواه الترمذي قد رواه غيره أيضا عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها ، [وصححه الألباني]  .
**  وينبغي على ولي الصبي أن يحثه على الصيام (إن كان مطيقا له) وأن يعينه عليه ، اقتداء بالصحابة الكرام رضي الله عنهم .
 
**  قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه (3/ 37) :
( بَابُ صَوْمِ الصِّبْيَانِ )
**  وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِنَشْوَانٍ فِي رَمَضَانَ: «وَيْلَكَ، وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ، فَضَرَبَهُ»
**  عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ»، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ . وأخرجه مسلم .
 
**  وخرج بقيد ( العاقل ) : المجنون ، فلا يجب عليه الصوم ؛ لرفع القلم عنه .
 
**  وخرج بقيد ( المقيم ) : المسافر ، فلا يجب عليه الصوم حال سفره ، بل هو مخير بين الفطر والصيام ، والأفضل له فعل الأيسر عليه .
**  وخرج بقيد ( القادر ) : العاجز عن الصيام لمرض أو كبر، فلا يجب عليه الصوم.
**  فإن كان المرض يرجى برؤه صبر حتى يصح بدنه ثم يقضي .
**  وإن كان لا يرجى برؤه فيطعم عن كل يوم مسكيناً .
**  وكذا الكبير الذي لا يطيق الصوم يطعم عن كل يوم مسكيناً .
 
**  وخرج بقيد (خالٍ من الموانع . . . ) : المرأة إذا وجد عندها المانع من حيض أو نفاس ، فلا يجب عليها الصوم، بل يجب عليها الفطر .
 
 **   خامسا : (( الحكمة من الصيام )) :
 
**  وأما الحكمة من فرضية الصيام على هذه الأمة فقد بيَّنها الله سبحانه وتعالى في قوله: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } أي لأجل أن تتقوا الله ، فتمتثلوا أوامره ، وتجتنبوا نواهيه وتقفوا عند حدوده .  
 
**  قال العلامة السعدي في تفسيره 🙁 تيسير الكريم الرحمن ) ، (ص: 86)
ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
**  فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركها، ثوابه، فهذا من التقوى.
**  ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه،
**  ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي،
**  ومنها: أن الصائم في الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى،
**  ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى. اهـ
 
**  والله الموفق .
**  كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
**  الأحد  25 / 8 / 1438 هـ

رابط المادة الأصلية:
https://binthabt.al3ilm.com/11890

أضف رد جديد