تعجيل المنفعة بشرح المعذرة (رفع الملام عن الشيخ محمد الإمام)

أضف رد جديد

كاتب الموضوع
عبدالملك الإبي
مشاركات: 274
اشترك في: شوال 1436

تعجيل المنفعة بشرح المعذرة (رفع الملام عن الشيخ محمد الإمام)

مشاركة بواسطة عبدالملك الإبي »

تعجيل المنفعة بشرح المعذرة
رفع الملام عن الشيخ محمد الإمام
كتبه / محمد بن محسن


بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات إعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله و اشهد أن محمد رسول الله ، إن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .
إما بعد :

إن علماء الدين كلهم مجمعون على قصد إظهار الحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يكون الدين كله لله ، وأن تكون كلمته هي العليا ، وكلهم معترفون بأن الإحاطة بالعلم كله من غير شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم ، ولا ادعاه أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين ، فلهذا كان السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وان كان صغيراً، ويوصون أصحابهم و أتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم .
والقاصد لوجه الله لا يخاف آن ينتقد عليه خلل في كلامه ، ولا يهاب أن يدل على بطلان قوله ، بل يحب الحق من حيث أتاه ويقبل الهدى ممن أهداه ، بل المخاشنة بالحق والنصيحة أحب إليه من المداهنة على الأقوال القبيحة ، وصديقك من صدقك لا من صدقك ، وفي نوابغ الكلم وبدائع الحكم :عليك بمن ينذر الإبسال و الإبلاس ، وإياك ومن يقول : لا بأس ولا تأس.


فقد سمعت محاضرة في تاريخ ليلة الثلاثاء 8/ صفر/1438 هجرية ثم صدرت على شكل رسالة صغيرة في 8/ صفر/1438 هـجرية للأخ الشيخ / أبي عمار علي الشرفي(الحذيفي) في شأن الشيخ / محمد الإمام .
ولقد رأيت فيما قال وكتب ثلاث مسائل ، مما إذا أطال المتأمل فيها إمعان النظر ، لوجد إختلال الحجج و لزمه الجدال لتوضيح المقصد.
فإذا كان الأمر كذلك ، وجب توضيح ما يحتمل الإشكال في هذه المسائل قاصداً بها نصرة من ظُلم، وعدم معاونة من ظلم كما قال صلى الله عليه وسلم :[ انصر أخاك ظالما أو مظلوما].



أول هذه المسائل علي الحذيفي ينقل الشيخ الإمام من المعذرة إلى التعذير، وذلك انه قد قام سابقا العذر للشيخ الإمام عند علي الحذيفي ثم سقط هذا العذر، بحجج لا تقوم عند من عنده كليات ، يرجع إليها ما نزل من الإشكالات، ومما وفقني الله عز وجل إني اطلعت في صغري وبداية طلبي للعلم على دروس في المنهج للشيخ العبيلان، نقل بها كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهذه الكلمات مما يرجع إليها قال شيخ الإسلام رحمه الله : ولا بد إن يكون مع الإنسان أصول كلية ، يرد إليها الفرعيات ليتكلم بعلم وعدل ، ثم يعرف الفرعيات كيف وقعت و إلا فيبقى في كذب وجهل في الفرعيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم. انتهى كلام شيخ الإسلام من الرسالة المشار إليها .


وأول هذه المسائل :
كيف نقل الحذيفي الشيخ الإمام من المعذرة إلى التعذير ، وما هو الفرق بينهما وأين هو هذا الكلام ، سوف أذكر ألفاظ المعذرة في المحاضرة وما ناسب معناها ودفع إليها ، ثم يكون الكلام على المسالة.
قال في المحاضرة في المشار إليها آنفا :
1- في الدقيقة 7 : إنا عن نفسي والله التمست له عذرا وفي محاضرة العريش أجبت على سؤال وقلت يا إخوان التمسوا له عذرا هذا علمه وهذا جهده.
2- في الدقيقة 9: فمن حسن ظني بهذا الرجل أنكرت هذا لما اعلمه من شدته على الرافضة ثم بعد ذلك تواصلت معا بعض القائمين على موقع علماء اليمن فتأكدوا أن الوثيقة صحيحة وفعلاً وقعها محمد الإمام في ذلك الوقت كان محمد الإمام في معبر والحوثة يقاتلون أصحاب عمران يعني ساعتين من عمران ، صنعاء وسط إلى عمران ساعة و إلى معبر ساعة ساعتين هذا أيضا ساعدنا في فهم قضية الضرورة طبعا الوثيقة أنكرها العلماء و من التمسَ عذرا لمحمد الإمام فإنما بناء التماسهُ للعذر بناءه على حسن الظن إما الأسس العلمية فلا تساعد محمد الإمام.
3- في الدقيقة 14 : هذا هو الأمر الأول ما هو بمعذور .
4- في الدقيقة 20 : كنا نتمنى من الشيخ عبدالعزيز أن يلتمس عذرا للشيخ عبيد كما التمس عذرا لمحمد الإمام.
5- في الدقيقة 22 : نقل اعتذار الشيخ الإمام بقوله : (من كان مكاننا سيعذرنا ).
6- في الدقيقة 41 : هذا هو المضطر .
7- في الدقيقة 44 : هل هذا مضطر .

أقول: كلامي في هذه المسالة قبل إن تكون إنصافاً للشيخ الإمام ، هي تنبيها لأخي علي حفظه الله من أن يقع في الظلم ، ولقد عرفته قديما محباً للعلم ، حريصاً على الدعوة إلى منهج و طريقة أهل السنة ، وشدته هذه احملُها على النصح ، قال ابن الجوزي رحمه الله : ولقد كان أبو عبدالله احمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنة ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنة وكلامه ذلك محمول على النصيحة .
ولكن نقول ما قال ابن مسعود رضي الله عنه : وكم من مريد للخير لا يدركه .
ذلك أن مسألة إخراج الشيخ الإمام من المعذرة ( عدم ثبوت العذر ) حمل الأخ/ الحذيفي أن يحكم بالتعذير وهذه المسالة أناقشها اعتماداً على رسالة العلامة الأصولي محمد بن علي الشوكاني رحمه الله تعالى وهي رسالة مصورة لدّي من أيام الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى كان قدم وراجع تحقيقها لأحد طلابه هداه الله ووفقه إلى الخير وهي ( فتح القدير في الفرق بين المعذرة والتعذير ) والله ما كنت أظن أني سوف احتاجها حتى جاء هذا اليوم.
والمعذرة كما قال الشوكاني : أن معنى المعذرة : إبداء العذر بفعل ما يجب وهي مصدر عَذَرَ مخفف الدال ، وأعذر ، قال في القاموس : عذر يعذر عذراً ومعذرة و أعذره ، والاسم المعذرة مثلثة الدال ،قال : وأعذر ابدأ عذراً و أحدث وثبت له عذر . انتهى
وقال الرازي في مفاتيح الغيب : المعذرة مصدر كالعذر ، وقال أبو زيد :عذرته أعذره عذراً ومعذرة ، ومعنى معذرة (إذا قام بعذره ) وقيل عذره يقال : من يعذرني أي من يقوم بعذري وعذرت فلاناً فيما صنع أي قمت بعذره فعلى هذا المعنى قوله [ معذرة إلى ربكم ] أي قيام منا بعذر أنفسنا إلى الله تعالى فإذا طولبنا بإقامة المنكر فنكون بذلك معذورين ، وقال الأزهري: المعذرة اسم على مفعلة (من تعذر) و أقيم مقام الاعتذار كأنهم قالوا : موعظتنا اعتذار إلى ربنا فأقيم الاسم مقام الاعتذار يقال : اعتذر فلان اعتذاراً وعذراً ومعذرة من ذنبه. انتهى كلام الرازي في مفاتيح الغيب .
فإذا عرفنا معنى المعذرة وهو ثبوت عذر فلان فيما صنع وهو قوله في الدقيقة 7 من المحاضرة :أنا عن نفسي والله التمست له عذرا وفي محاضرة العريش أجبت على سؤال وقلت يا إخوان التمسوا له عذرا هذا علمه وهذا جهده.
واتضح بهذا الكلام ثبوت الحكم المنضبط لديه سابقا انه معذور ، لوجود الحوثيين على بعد ساعتين ، ثم جاء كلامه في المحاضرة تنفي ثبوت الحكم وسقوط علته (التعذر والمعذرة) وهم ألان في صنعاء ومعبر و إب وفي جميع المناطق المحيطة به .
وهذا حكم آخر هو التعذير قال الشوكاني رحمه الله : فاعلم أن التعذير مصدر عذّر بتشديد المعجمة ومعناه عند أهل اللغة عدم ثبوت العذر ، قال في القاموس : عذّر تعذيراً لم يثبت له عذر. ، ومنه قوله تعالى [ وجاء المعذّرون من الأعراب] – أي المقصرون الذين لا عذر لهم كما صرح بذلك أئمة التفسير .
فإذا عرفت هذه المعاني ، فهل يكون الانتقال بين الأحكام حسب الحب و البغض والقرب و البعد أم حسب المناسبة والنازلة.
وأما من قال أن الشيخ ثبت له حكم العذر ( المعذرة) ، فإنهم قالوا ذلك اعتماداً على ضرورة كلية ، وذلك لعدم زوال العذر وهذه قاعدة متفق عليها قال في القواعد الفقهية :
" القاعدة 63:
- ما جاز لعذر بطل بزواله
الألفاظ الأخرى
- ما جاز لعذر بطل عند زواله
- ما ثبت لعذر يزول بزواله
التوضيح :
أي أن الحكم الذي شرع لعذر معين فإذا زال العذر امتنع الحكم ، لان جوازه كان بسبب العذر فهو خلف عن الأصل المتعذر فإذا زال العذر و أمكن العمل بالأصل لا يعمل بالخلف ومعنى البطلان : سقوط الاعتبار فيصير في حكم العدم ، وهذه القاعدة قريبة من قاعدة : ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها أو الضرورة تقدر بقدرها".
والسؤال المتوجه هل زال سبب المعذرة وهو وجود الحوثيين بالقرب من مركز الشيخ الإمام وسيطرتهم على المناطق المحيطة به حتى يتغير الحكم " لما قدمنا من التخالف بين معنى التعذير و المعذرة !!!!!! بل هما ضدان لما عرفت من أن المعذرة ثبوت العذر ومعنى التعذير عدم ثبوت العذر"
أقول فإن اتضحت لك هذه المسألة ، وهي إنما مقدمة لأرفعك إلى ما هي فوقها ، وهي المسالة الثانية : وهي كيف اخرج أخونا الشيخ علي الحذيفي الشيخ محمد الإمام من المعذرة إلى التعذير يتضح لك حين تقرأ ما كتبه في ص 10 المأخذ 6:
وبعد خروج شهر رمضان – من العام نفسه- فاجأنا محمد الإمام بتأكيد الوثيقة في خطبة عيد الفطر ، حيث قال فيها : " وثيقة فعلناها لنقيم ديننا ونصلح دنيانا " وقال : " ما زال أمري بيدي وليس لأحد علي سبيل ألا بالحق .
وبهذه الخطبة يكون محمد الإمام قد فضح نفسه انه لم يفعلها عن ضرورة و إنما بحثا عن مصلحة . انتهى كلامه
أقول : إن من لطائف المسائل ما يقوله أهل العلم : الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، ذلك أن بعض الأحكام تجتمع وهي توهم أنها متفرقة ، و أوضح ذلك بعد أن انقل تعريف الضرورة ليتضح بعض ما أشكل على بعض الأفاضل .
الضرورة : في اللغة من معنى ضرر : الضرورة اسم لمصدر الاضطرار تقول : حملتني الضرورة على كذا وكذا ، وقد اضطر فلان إلى كذا وكذا. ، وقال الجرجاني: هي النازل مما لا مدافع له.
وقد عرفها الفقهاء بتعاريف متقاربة قال الزركشي : "هي بلوغه حدا إن لم يتناوله الممنوع هلك أو قارب كالمضطر للأكل واللبس بحيث لو بقي جائعا أو عرياناً لمات أو تلف منه عضو" ، وقال السيوطي : بلوغه حدا إن لم يتناوله الممنوع هلك أو قارب وهذا ما يبيح تناول الحرام.،وقال الوادعي : حد الإكراه والاضطرار أن تكون خائفا أن يحل بك أو بنفسك أو بمالك أو بعرضك ما لا تتحمل.
فمن تعريف أهل اللغة و الفقهاء و كذا عند الأصوليين تعرف أن الضرورة : حاجة شديدة ملجئة لا مُدافع لها ، بعذر معتبر شرعا اقتضى مخالفة الحكم الشرعي ، للحفاظ على الكليات الخمس ،ورخصة لرفع الحرج والمشقة عن المكلفين.
فإذا عرفت هذا فاعلم إن بعض المصالح ضرورية وبعضها ظني ، ذلك أن المصلحة تدخل في مقاصد الشريعة الخمسة (الدين –النفس – العقل - النسل– المال)
والمصالح الدينية والدنيوية لا يفرق بينهما إذا كانت من مقصد الشارع في الحفاظ على الكليات الخمس ، قال الشاطبي : إن مصالح الدين والدنيا مبنية على المحافظة على الأمور الخمسة المذكورة فيما تقدم فإذا اعتبر قيام هذا الوجود الدنيوي مبنيا عليها حتى إذا إنخرمت لم يبق للدنيا وجود –اعني ما هو خاص بالمكلفين والتكليف-.
فإذا كانت بعض مصالح المكلفين لا تقوم إلا بضرورة ارتكاب مفسدة ( إباحة المحظور للضرورة مقيدة بمدة قيام الضرورة ) ننظر في هذه المفسدة ، هل هذه المفسدة لها تعارض مع مقصود الشارع من حفظ الأمور الخمسة.
قال الشاطبي : "وأما إذا كانت المصلحة أو المفسدة خارجة عن حكم الاعتياد بحيث لو انفردت لكانت مقصودة الاعتبار للشارع ففي ذلك نظر ولا بد من تمثيل ذلك ثم تلخيص الحكم فيه بحول الله مثاله : أكل الميتة للمضطر و أكل النجاسات و الخبائث اضطرارا ."
" بيانه : أن إباحة الميتة عند الضرورة معقول المعنى وهو جار على معنى العقل ، فقول القائل : أنها رخصة لا يقاس عليه ، إن عنى به انه لا يعقل معناها ، فليس كذلك ، فانه على وفق العقل ، وان هو عنى به انه لا يلحق به غير الضرورة فسببه عدم العلة بعد معرفة العلة فمستند المصلحة هو الضرورة فلا توجد عند عدمها "
فها هنا نتوقف لنعيد التأمل كيف نقل أخونا الشيخ علي الحذيفي الشيخ محمد الإمام من المعذرة إلى التعذير.
ذلك لأنه اسقط علة الحكم ( المصلحة ) من حكم الاضطرار . بجعلها منفصلة- تساهل - عن الحكم ( ما هو بمعذور - انه لم يفعلها عن ضرورة )
ولتوضيح ذلك نأخذ المثال المشار إليه سابقا على صيغة سؤال مع الأخذ بالاعتبار التعاريف السابقة :
زيد : يا عمرو لماذا أكل الميتة ؟( الاضطرار )
عمرو:انقطعت بي السبل و ليس لديّ طعام وخفت أن أموت(المصلحة ويقال المناسبة )
زيد : لقد كنت اجهل ما أصابك أو أنت معذور ( المعذرة ).
هذا هو الرابط بين الاضطرار – المصلحة – المعذرة
لكن الحذيفي اسقط المصلحة وجعلها لا تعني شيء ، وحملها محمل آخر فقال : وبهذه الخطبة يكون محمد الإمام قد فضح نفسه انه لم يفعلها عن ضرورة و إما بحثا عن مصلحة . ذلك لما قال الشيخ الإمام: " وثيقة فعلناها لنقيم ديننا ونصلح دنيانا "
وذلك منه إما تقصير أو قصور وذلك لان المصلحة ( علة الحكم ) هي تعبير عن المناسبة وتسمى بالإخالة و الاستدلال و رعاية المقاصد ، نقل الشوكاني عن المحصول : الناس ذكروا في تعريف المناسب شيئين الأول : انه المفضي إلى ما يوافق الإنسان تحصيلا وإبقاء ، وقد يعبر عن التحصيل بجلب المنفعة وعن الإبقاء بدفع المضرة ، لان ما قصد إبقاءه فإزالته مضرة وإبقاءه دفع للمضرة ، ثم هذا التحصيل و الإبقاء قد يكون معلوما وقد يكون مظنوناً وعلى التقديرين فإما أن يكون دينياً أو دنيوياً.
فإذا أتضح لك المقصود من أن المصلحة لا تفارق حكم الاضطرار وأن الشيخ (مضطر معذور) إلى التوقيع على الوثيقة أعدت عليك كلام الغزالي في شفاء الغليل بهذه التعاريف :
" بيانه : أن إباحة ( التوقيع على الوثيقة )عند الضرورة معقول المعنى وهو جار على معنى العقل ، فقول القائل : أنها رخصة لا يقاس عليه (انه لم يفعلها عن ضرورة و إما بحثا عن مصلحة) ، إن عنى به انه لا يعقل معناها ( المصلحة ) ، فليس كذلك ، فانه على وفق العقل ( الاضطرار) ، وان هو عنى به انه لا يلحق به غير الضرورة فسببه عدم العلة (التعذير عدم ثبوت العذر) بعد معرفة العلة (مضطر معذور "وجود الحوثيين" ) فمستند المصلحة هو الضرورة فلا توجد عند عدمها ( زوال العذر" الحوثيون ") "
بعد هذا الكلام لا بد أنتعلم أن الناس يختلفون في الإفهام ، و الشريعة لا تتعارض مع مصالح الناس بل جاءت لترعى المصالح الدينية والدنيوية ومن أراد إن يعرف هذه المقاصد فعليه بالرجوع إلى كتاب جليل من كتب أهل العلم ألا وهو كتاب الموافقات خاصةً كتاب المقاصد في بيان قصد الشارع في وضع الشريعة ، وانقل لك نُبذة منه على مثال شرعي فيه مقصد ديني ودنيوي لو تأمله المتأمل وفكر فيه لكفاه .
قال الشاطبي : وإما العلة فالمراد بها الحكم والمصالح التي تعلقت بها الأوامر أو الإباحة والمفاسد التي تعلقت بها النواهي ، فالمشقة علة في إباحة القصر والفطر في السفر ، والسفر هو السبب الموضوع سببا للإباحة فعلى الجملة : العلة هي المصلحة نفسها أو المفسدة لا مظنتها كانت ظاهرة أو غير ظاهرة منضبطة أو غير منضبطة وكذلك نقول في قوله عليه الصلاة والسلام : }ولا يقضي القاضي وهو غضبان { فالغضب سبب وتشويش القاضي الخاطر عن استيفاء الحجج هو العلة على انه قد يطلق هنا لفظ السبب على نفس العلة لارتباط ما بينهما ولا مشاحة في الاصطلاح. انتهى كلامه
فلو لم يراعي الشارع أن القاضي قد يصيبه الغضب فيتجاوز إلى غير الحق ويختل النظر فلا يحصل استيفاء الأمر لما يصيب العقل البشري عند الغضب ، مما قد يضيع حقوق المتخاصمين ، منعه من الفصل ، وأمر عند ذلك بتأخير حق احد الطرفين.
ثم أن هذا اللفظة التي قالها الشيخ الإمام :" وثيقة فعلناها لنقيم ديننا ونصلح دنيانا"
هل هي مطلب يعاب ؟
وهل إقامة الدين وإصلاح الدنيا إلا منتهى الأماني وأسنى المطالب في الدنيا!!
وهل فيها ما يدل على المصلحة ، يتوهم علي الحذيفي الدقيقة 25: المصلحة هي اوسع من الضرورة و(هناك فرق بين المصلحة والمصلحة المرسلة ) ،وسيأتي معنا في المسالة الثالثة أن هذه المصلحة ضرورية .
وهل فُضح الإمام كما يقول الحذيفي !؟ أم أن الحذيفي فضح نفسه.
يا طالب العلم شيخ الإسلام حين عاب من خرج مع ابن الأشعت لم يجد غير هذه اللفظة لأنها هي المقصود في الشريعة فقال : ( فلا أقاموا دينا ولا ابقوا دنيا ).
تم بين مقصد و أوامر الشارع بقوله : والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين و لا صلاح الدنيا .
وثم إن أهل العلم يُعلمون طلابهم إتباع الحق ، والقول والعمل به ، والرجوع عن الباطل ، ونصائحهم في ذلك لا تعد ولا تحصى ، وهل قول الإمام : " ما زال أمري بيدي وليس لأحد عليّ سبيل ألا بالحق " ، إلا من هذا الباب ، فهو تصريح انه تبع للحق لأي احد ينصحه أليس هذا اعتراف منه لقبول الحق وعدم إصراره على الباطل ، وكما علمت من مسألة (الاضطرار) فهي اجتهاد من الشيخ محمد الإمام قابله اجتهاد من الشيخ علي الحذيفي ، وهذا الاجتهاد بينه شيخ الإسلام بقوله : فالمفتي و الجندي و العامي إذا تكلموا بالشيء بحسب اجتهادهم أو تقليدا قاصدين لإتباع الرسول بمبلغ علمهم لا يستحقون العقوبة بإجماع المسلمين و إن كانوا قد اخطئوا خطا مجمعا عليه ، وإذا قالوا إنا قلنا الحق ، واحتجوا بالأدلة الشرعية ، لم يكن لأحد من الحكام أن يلزمهم بمجرد قوله ، ولا يحكم بان الذي قاله هو الحق دون قولهم ، بل يحكم بينه وبينهم الكتاب و السنة ، والحق الذي بعث الله به رسوله لا يغطى بل يُظهر فان ظهر رجع الجميع اليه وان لم يظهر سكت هذا عن هذا وسكت هذا عن هذا .
وقبل أن ننتهي من المسالة الثانية ، اُذكر أن الشيخ الإمام قال :(من كان مكاننا سيعذرنا) ، وهو قول من عذره على التوقيع على الوثيقة ، أما ما فيها فهو كما قال العلماء ، فيها ما فيها، وكما قلت في المقدمة أن هذه الرسالة إنصافاً للشيخ وليس دفاعا عنه ، فالتوقيع على الوثيقة شيء ( عذره من عذره لوضعه ) ، وما في الوثيقة شيء آخر ، لذلك أبرأ إلى الله من كل ما فيها من الباطل ، وعذرنا للتوقيع مسالة أخرى ، وقد نُقل عن الشيخ الإمام في جلسة له بالطوال أثناء دخوله حج سنة 1435هجرية انه قال : ونحن نعلم أن الوثيقة شر ولكن دفعنا بها شراً أعظم .
أما ما جاء في المحاضرة من مسائل فيمكن تقسيمها إلى ثلاث :
الأولى : ما كان قبل الوثيقة فهي منذ أيام الشيخ مقبل و الشيخ الوصابي رحمهما الله وقد أوصى الشيخ مقبل به ولا يقاس أبو الحسن عليه لان الشيخ ألحقه إلحاقاً في الوصية ولم يذكر أحدا أن للشيخ مقبل ملاحظات والشيخ الوصابي إلى آخر أيامه وهو يتواصل معه.
الثانية : ما كان من شان الوثيقة وما فيها فهذه المسالة كما عرفت.
الثالثة : ما بعد الوثيقة فنحن ننتظر أن يرفع الله عنا هذا العذاب وكما قال الحسن البصري : الحجاج عذاب الله . ولأهل العلم شان معها ومع الشيخ الإمام إن لم يتبرأ منها .
ثم ليعلم من هو ليس تحت سلطة الحوثة ، إن هذه الوثيقة على ما فيها ، فقد نفع الله بها أهل الإيمان ، فكم من آخ من الإخوة قبض عليه من قبل الحوثيين ، فكان مخرجه بان يتعذّر انه من أصحاب الشيخ محمد الإمام و أعلم حالتين قبض في الأولى على الأخ / م.ا.س في صنعاء لمدة أسبوع فكان المخرج له بعد فضل الله انه من أصحاب الإمام، وبيننا وبينكم وثيقة بعدم التعرض ، وهذا قد حدث كذلك للأخ / ن .ا في منطقة الحوبان في تعز .
ثم هناك من يقول أن الوثيقة فيها قبول في الطعن على عائشة والصحابة رضي الله عنهم ، نقول يا أخي فان كانوا هم طاعنين ، فكذلك جميع مساجد و مراكز أهل السنة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون يترضون على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يتعرض لهم احد ، فان كانوا هم قائلون بالكفر ، فقد قامت مصلحة إظهار الدين بها ، وهذا ما يجرنا إلى المسالة الثالثة ، وهي كما لمّح الأخ /علي الحذيفي فيها بإيجاب الهجرة على الشيخ الإمام ونقل فيها الإجماع .
قال في ما كتبه الصفحة الحاشية 2 : ومحمد الإمام ليس معذوراً بهذه الوثيقة ، لان المعذور من كان بين أهل الشرك و الضلال ، وأوذي بجسده وعجز عن الخروج من بلدهم ومحمد الإمام – عندما وقع الوثيقة – كان الحوثيون بعيدين منه جداً ، وهو الذي طلب الصلح.
وقال في المحاضرة الدقيقة 10 : لان هذا لا يجوز لمسلم أن ينطق بهإ لا في حالة الضرورة ، وحالة الضرورة إن تكون أنت بين أهل الكفر أهل الشرك أهل الضلال ، أن تكون بينهم ، ما يقال عنك انك مضطر معذور، إلا في ثلاثة شروط الشرط الأول أن تكون بين أهل الضلال ، الشرط الثاني أن تكون عاجزا عن الخروج من بلدهم ، الشرط الثالث أن تؤذى بجسدك ، هذه ثلاثة شروط ، أما انه بين أهل الضلال فهذه غير موجودة لان بينه وبينهم ساعتين ، وأما كونه عاجز عن الخروج من البلد فأصلاً ما دخل عندهم حتى نقول يخرج أو ما يخرج ، حتى انتظر إلى أن جاءوا ،ومع هذا كان يستطيع أن يخرج ، كان يذهب إلى العمرة و الحج ، والثالثة انه أؤذي في جسده ما أؤذي في جسده ، فما هو الحل ، الحل هو أن يخرج . ثم ذكر الآية والإجماع.
وهذا الإجماع الذي ذكره منتقض في حق الشيخ الإمام ، وكيف يكون إجماع وقائل خلافه أستاذ الأستاذين وكبير الفقهاء محمد بن إدريس الشافعي قال : ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن فرض الهجرة على من أطاقها ، إنما هو على من فتن عن دينه بالبلد الذي يسلم بها ، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لقوم بمكة أن يقيموا بها بعد إسلامهم منهم العباس بن عبدالمطلب وغيره إذ لم يخافوا الفتنة ، وكان يأمر جيوشه أن يقولوا لمن اسلم إن هاجرتم فلكم ما للمهاجرين ، وان أقمتم فانتم كأعراب وليس يخيرهم إلا فيما يحل لهم. فعلمنا من هنا أن الإجماع فيمن فتن في دينه ، بل ذهب الشافعية إلى إيجاب عدم الهجرة لمن في بقاءه مصلحة دينية ، وهو حال الشيخ / محمد الإمام منها ، والهجرة مسالة أطال قيها أهل العلم الكلام ، وقد قسم العلماء الأرض إلى دارين دار إسلام ودار حرب ، و أشكل على بعضهم في دار الإسلام التي تحت أيدي الكفار ، كما في مسالة عدن حين كانت تحت أيدي الإفرنج ( الانجليز )، أجاب عنها الصنعاني ورغم ذهاب الأحناف إلى إيجاب الهجرة إلا أنهم كما صرح عبدالعزيزالدهلوي أنها على التراخي، و ذُكر عن شيخ الإسلام انه قال في مثال مدارين أنها دار مركبة.
قال في مغني المحتاج: والمسلم المقيم بدار الحرب إن أمكنه إظهار دينه لكونه مطاعا في قومه أو لان عشيرته يحمونه ولم يخف فتنة في دينه (استحب له الهجرة ) إلى دار الإسلام لئلا يكثر سوادهم أو يكيدوه أو يميل إليهم وإنما يجب لقدرته على إظهار دينه.


تنبيه :
محل استحبابها ما لم يرجع ظهور الإسلام هناك بمقامه فان رجاه فالأفضل أن يقيم ولو قدر على الامتناع بدار الحرب والاعتزال وجب عليه المقام بها لان موضعه دار إسلام فلو هاجر لصار دار حرب فيحرم ذلك ، نعم ان رجا نصرة المسلمين بهجرته فالأفضل إن يهاجر قاله الموردي .ثم في اقامته يقاتلهم على الاسلام ويدعوهم اليه ان قدر وإلا فلا (وإلا) أي وان لم يمكنه إظهار دينه أو خاف فتنة فيه ( وجبت )عليه الهجرة رجلا كان أو امرأة وان لم تجد محرما (ان أطاقها ) لقواه تعالى [ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ] النساء 97 الآية ولخبر أبي داود وغيره " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين اظهر المشركين" وسميت هجرة لأنهم هجروا ديارهم ولم يقيدوا ذلك بأمن الطريق ولا بوجود الزاد و الراحلة وينبغي انه من خاف تلف نفسه من خوف الطريق او من ترك الزاد أو من عدم الراحلة عدم الوجوب ، ويستثنى من الوجوب من في اقامته مصلحة المسلمين . فقد حكى ابن عبدالبر وغيره أن إسلام العباس رضي الله تعالى عنه كان في بدر وكان يكتمه ويكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإخبار المشركين وكان المسلمون يثقون به وكان يحب القدوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن مقامك بمكة خير ثم اظهر إسلامه يوم فتح مكة ويلتحق بوجوب الهجرة من دار الكفر من اظهر حقا ببلدة من بلاد الإسلام ولم يقبل ولم يقدر على إظهاره فتلزمه الهجرة من تلك . نقله الأذرعي وغيره عن صاحب المعتمد فيها ، وذكر البغوي مثله في سورة العنكبوت فقال : يجب على كل من كان ببلد تعمل فيها المعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك الهجرة إلى حيث تتهيأ العبادة ويدل لذلك قوله تعالى [ فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ] الأنعام 68 فان استوت جميع البلاد في عدم إظهار ذلك كما في زماننا فلا وجوب بلا خلاف فان لم يطق الهجرة فلا وجوب حتى يطيقها فان فتح البلد قبل إن يهاجر سقطت عنه الهجرة. انتهى كلامه
فإذا اتضح لك هذا عدنا إلى المسالة الثانية هل هذه المصلحة ضرورية ، بجمع كلام أهل العلم تستوفي المسالة حقها ويتضح لك خطأ الأخ / الحذيفي في توهمه إن هذا انتقال للشيخ كما قال في الدقيقة 25 حيث قال : كانت قضية ضرورة ألان في شيء ثاني مصلحة طبعا أوسع من الضرورة.
فهل هناك فرق ؟
إذا أخذنا التعريف السابق للضرورة و إن المصلحة هي علة الحكم ألحقنا به تعريف المصلحة الضرورية كما عرفها أهل علم الأصول في الدين خرجنا بما سيأتي في الملخص.
قال في شرح مراقي السعود : و الضروري ما كان حفظه سببا للسلامة من هلاك بدن أو دين.
قال بالموافقات في التكميلي للضروري : وإظهار شعائر الدين كصلاة الجماعة في الفرائض و السنن و صلاة العيد.
وقال في مغني المحتاج : ثم في إقامته يقاتلهم على الإسلام ويدعوهم إليه إن قدر.
قول الإمام : " وثيقة فعلناها لنقيم ديننا ونصلح دنيانا "


الملخص :
فان الكلام بعد معرفة هذه المسائل ، وملابسات هذه الفتنة ( كما يسميه الطاعنون في الشيخ / محمد الإمام) ، يمكن تلخيصها أن الشيخ محمد الإمام كان في معبر و الحوثيين في صنعاء و في السنح وهي اقرب منطقة إلى معبر، كان بإمكانه ترك مركزه و الخروج إلى السعودية حفاظاً على نفسه ودينه بعد رُؤيته قيام الحوثيين بتدمير مساجد أهل السنة (14 مسجد)وسيطرتهم على المساجد ووضع خطباء يتبعوهم في المناطق المسيطرون عليها ، كما حدث في صنعاء أوإغلاق المساجد و إرجاعها حسينيات و ثكنات كما لاحظنا في عمران (مسجد القعود ) و تعز ( مسجد التوحيد ) ففضل البقاء و التوقيع على الوثيقة رغم علمه بما فيها من شر وهو يرى انه يدفع به شر أعظم (ونحن نعلم أن الوثيقة شر ولكن دفعنا بها شر أعظم) ومصلحة بإقامة الدين و إصلاح الدنيا (وثيقة فعلناها لنقيم ديننا ونصلح دنيانا) ويعتذر عن هذه الوثيقة انه فعلها اضطرار (من كان مكاننا سيعُذرنا)وهو مكان استولى عليه من لا يقيم للدين أهمية ، إلا الطقوس الرافضية وهو بهذا قد قام بواجب تكميلي ، ذهب إليه جمع من أهل العلم بقولهم أن المصلحة الضرورية (ما كان حفظه سببا للسلامة من هلاك بدن أو دين) و (إظهار شعائر الدين كصلاة الجماعة في الفرائض و السنن و صلاة العيد) وان ( في إقامته يقاتلهم على الإسلام ويدعوهم إليه إن قدر)( وجب عليه المقام)وهو فوق ذلك يُدرس علوم الشريعة الإسلامية، من التفسير و الحديث و كتب العقيدة المخالفة لمن وقع معهم الوثيقة ، ويترضى على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويذكر فضائلهم ، من غير أن يتعرضوا له ولا لأحدٍ من أهل السنة سواءً في صنعاء أو معبر أو إبّ أو تعز ، فكلهم داخلين تحت توقيعه للوثيقة.
فلما رأى أهل السنة هذه الأمور فمن قائل بالمعذرة ثبوت العذر : (يا إخوان التمسوا له عذرا هذا علمه وهذا جهده)(أي أن الحكم الذي شرع لعذر معين فإذا زال العذر امتنع الحكم ، لان جوازه كان بسبب العذر فهو خلف عن الأصل المتعذر فإذا زال العذر و أمكن العمل بالأصل لا يعمل بالخلف)
وقائل يقول بالتعذير عدم ثبوت العذر":( ان التوقيع على الوثيقة كان عن تساهل لا عن اضطرار إذ لا تنطبق عليه شروط الاضطرار)
( لكن هذه المرة جاءت فائدة جديدة المرة الأولى كانت قضية ضرورة ألان في شيء ثاني مصلحة)
وظهر من هؤلاء مدافعاً وكذا من هؤلاء منافح ، حتى ظهر قائل فقال : وهؤلاء (المتوقفون في تبديع محمد الإمام) يذكرنا صنيعهم بصنيع الجهمية مع الفارق طبعا ....ثم نشر له من غير إنكار ، وذكر كلاماً ليس هذا مكانه .
لأجل ذلك كان لا بد من كتابة هذا البحث وناصحاً الشباب وقائلاٌ ما قال الأعمش: أنا لكم النذير ، كفّ رجل يده ،وملك لسانه ،وعالج قلبه.


وفيما كتبته أقول :
فيا أيها القارئ له ، لك غنمه وعلى مؤلفه غرمه ، لك ثمرته وعليه تبعته ، فما وجدت فيه من صواب وحق فاقبله ، ولا تلتفت إلى قائله ، بل انظر إلى ما قال ، لا إلى من قال ، وقد ذم الله تعالى من يرد الحق إذا جاء به من يبغضه ويقبله إذا قاله من يحبه ، فهذا خلق الأمة الغضبية ، قال بعض الصحابة : " أقبل الحق ممن قاله وإن كان بغيضاً ، ورد الباطل على قائله و إن كان حبيباً " ، وما وجدت فيه من خطأ فإن قائله لم يأل جهد الصواب و يأبى الله إلا إن يتفرد بالكمال .
واني انصح نفسي و إخواني بما قاله الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله و أطال عمره وأحسن خاتمته في رسالته التعصب الذميم ناقلاّ ومعلقاّ :
قال شيخ الإسلام رحمه الله : وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة و البغضاء بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى كما قال تعالى [ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم و العدوان ] وليس لأحد منهم أن يأخذ على احد عهداً بموافقته على كل ما يريده و موالاة من يواليه و معاداة من يعاديه ، بل من فعل هذا كان من جنس جنكيز خان و أمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقا ولياً و من خالفهم عدوا بغيضا ، بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله و رسوله صلى الله عليه وسلم بان يطيعوا الله ورسوله ويفعلوا ما آمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ويحرموا ما حرم ورسوله صلى الله عليه وسلم ويرعوا حقوق المعلمين كما آمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فان كان أستاذ احد مظلوماً نصره و ان كان ظالماً لم يعاونه على الظلم بل يمنعه منه كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ).

قال الشيخ ربيع : وهذا يكاد يكون ينعدم الآن في الجماعات الإسلامية ينصر أخاه ظالما و مظلوماً على المنهج و الطريق الجاهلي مع الأسف الشديد و هذا آمر معروف لا شك فيه و لكن علينا أن نتوب إلى الله تبارك وتعالى و نرجع إلى الحق الذي ربانا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم و الذي يريده الله تبارك وتعالى لنا أن نكون محبين للحق مناصرين له.

قال شيخ الإسلام رحمه الله : فإن وقع بين معلم ومعلم ، وتلميذ و تلميذ ، و معلم وتلميذ خصومه ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين احدهما حتى يعلم الحق فلا يعاونه بجهل و لا هوى ، بل ينظر في الأمر فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره و سواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره فيكون المقصود عبادة الله وحده وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ ربيع : فالذي يلزمنا معشر الإخوة أن نفتش أنفسنا ، فمن وجد في نفسه شيئاً من هذا فعليه أن يتدارك نفسه ويقبل إلى العلاج الناجع ، ويبحث دائماً عن الحق لينجو بنفسه.


وكتبه / محمد بن محسن
ضحى السبت 20/صفر/1438هجرية
تعز- رفع الله عنها الظلم والحصار وحفِظ أهلها من الزيغ و الضلال

أضف رد جديد